سورة الأنفال - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنفال)


        


{وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (8)}
{وَإِذْ يَعِدُكُمُ الله إِحْدَى الطائفتين} يعني قريش أو عيرهم، والعمل في إذ محذوف تقديره اذكروا {أَنَّهَا لَكُمْ} بدل من إحدى الطائفتين {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشوكة تَكُونُ لَكُمْ} الشوكة عبارة عن السلاح، سميت بذلك لحدّتها، والمعنى تحبون أن تلقوا الطائفة التي لا سلاح لها وهي العير {أَن يُحِقَّ الحَقَّ} يعني يظهر الإسلام بقتل الكفار وإهلاكهم يوم بدر {لِيُحِقَّ الحق} متعلق بمحذوف تقديره: ليحق الحق ويبطل الباطل فعل ذلك، وليس تكراراً للأول؛ لأن الأول مفعول يريد، وهذا تعليل لفعل الله تعالى، ويحتمل أن يريد بالحق الأول الوعد بالنصرة، وبالحق الثاني الإسلام، فيكون المعنى أن نصرهم، ليظهر الإسلام، ويؤيد هذا قوله: ويبطل الباطل أي يبطل الكفر.


{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)}
{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} إذ بدل من إذ يعدكم، وقيل: يتعلق بقوله ليحق الحق أو بفعل مضمر واستغاثتهم دعاؤهم بالغوث والنصر {مُمِدُّكُمْ} أي مكثركم {مُرْدِفِينَ} من قولك ردفه إذا تبعه، واردفته إياه إذا أتبعته إياه. والمعنى: يتبع بعضهم بعضاً، فمن قرأه بفتح الدال فهو اسم مفعول، ومن قرأه بالكسر فهو اسم فاعل، وصح معنى القراءتين؛ لأن الملائكة المنزلين يتبع بعضهم بعضاً، فمنهم تابعون ومتبوعون {وَمَا جَعَلَهُ الله} الضمير عائد على الوعد، أو على الإمداد بالملائكة.


{إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11)}
{إِذْ يُغَشِّيكُمُ النعاس} إذ بدل من إذ يعدكم أو منصوب بالنصر، أو بما عند الله من معنى النصر، أو بإضمار فعل تقديره: اذكر، ومن قرأ يغشيكم بضم الياء والتخفيف فهو من أغشى، ومن قرأ بالضم والتشديد فهو من غشّى المشدد، وكلاهما يتعدى إلى مفعولين فنصب النعاس على أنه المفعول والثاني، والمعنى يغطيكم به فهو استعارة، من الغشاء، ومن قرأ بفتح الياء والشين فهو من غشى المتعدى إلى واحد أي ينزل عليكم النعاس {أَمَنَةً مِّنْهُ} أي أمناً، والضمير المجرور يعود على الله تعالى، وانتصاب أمنةً على أنه مفعول من أجله. قال ابن مسعود: النعاس عند حضور القتال علامة أمن من العدو {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السمآء مَآءً} تعديدٌ لنعمة أخرى؛ وذلك أنهم عدموا الماء في غزوة بدر قبل وصولهم إلى بدر، وقيل: بعد وصولهم، فأنزل الله لهم المطر حتى سالت الأودية {لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} كان منهم من أصابته جنابة فتطهر بماء المطر، وتوضأ به سائرهم، وكانوا قبله ليس عندهم ماء للطهر ولا للوضوء {وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشيطان} كان الشيطان قد ألقى في نفوس بعضهم وسوسة بسبب عدم الماء، فقالوا: نحن أولياء الله وفينا رسوله فكيف نبقى بلا ماء؟ فأنزل الله المطر، وأزال عنهم وسوسة الشيطان {وَلِيَرْبِطَ على قُلُوبِكُمْ} أي يثبتها بزوال ما وسوس لها الشيطان وبتنشيطها وإزالة الكسل عنها {وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقدام} الضمير في به عائد على الماء، وذلك أنهم كانوا في رمله دعصة لا يثبت فيها قدم، فلما نزل المطر تلبدت وتدقت الطريق، وسهل المشي عليها والوقوف، وروي أن ذلك المطر بعينه صعّب الطريق على المشركين فتبين أن ذلك من لطف الله.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8